Wednesday, April 11, 2012

ثورة العمران


نشرت الصفحة في إبريل ٢٠١١
رابط صفحة ثورة العمران علي فيسبوك



ثورة العمران


تمثل حالة التحرير المجتمع المستقل ذاتياً الذي نجح في الوقت الذي فشلت فيه كل المحاولات الأخري. و لهذا، فهو دليلاً واضحاً علي أننا نحتاج لإعادة نظر و التفكير في التخطيط الفعلي و عمليات التصميم لهذه المدينة و الدولة ككل، لأنها يجب أن تمكن المواطنين من التحكم في بيئتهم العمرانية المحيطة

و لعله من الضرورة القصوي، البدأ في طرح الحقوق المطلوبة للسكن و العدالة العمرانية. فالعمران هو إنعكاس مباشر للحياه السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للدولة. و الشكل العمراني الحالي هو ما ترسب من الأنظمة السابقة. و التي فصلت المجتمع و حرمته من التدخل في القرارات العمرانية، و نتيجة لذلك ظهرت اشكال من الملائمة العمرانية كرد من المجتمع ليتناسب مع إحتياجاتهم الحقيقية التي غابت تماماً عن ذهن المخطط

تلك الأنماط التخطيطية و المعمارية التي فرضت علي المجتمع، تم إستيرادها بلا تغييرات من مجتمعات بثقافات مختلفة ، و التي شكلت المدينة من خلال هذا التوجه بسياسات فصل طبقية، و تم التسويق لها للنخبه، بصيغة الإبتعاد عن فوضى المدينة ومشاكلها. و من ناحية أخري فظهرت ألاف المساكن الحكومية في منتصف الصحراء، لا يصلها أي نوع من أنواع المواصلات أو الخدمات و بالتالي، صارت تلك المساكن مهجورة، و إتجه الناس إلي البناء الغير رسمي بجانب المناطق الحضرية نتيجة سياسة التجاهل لبعض فئات المجتمع و عدم قدرة الحكومة على توفير السكن الملائم لقطاعات واسعة من الشعب

مشكلة الإسكان الجماعي الحكومي لم تقتصر فقط علي بعد المساكن عن المدينة أو مشاكل الخدمات،بل عدم إدراك التركيبات السكانية و الديموغرافية فالمساكن الحكومية التي تم بنائها في الستينات، و أصبحت اليوم في قلب المدينة، كمساكن إمبابة أو عين الصيرة، أصبحت اليوم في حالة تردي أكثر من أحوال الإسكان الغير رسمي. فتلك الأنماط التي صممت بها تلك المساكن، كانت مستوردة من روسيا الإشتراكية و لا تناسب متوسط عدد أفراد العائلة المصرية و بالتالي تم بناء إمتدادات و غرف علي المبني الأصلي، حتي صار مزيج بين الإسكان الحكومي الرسمي و العشوائيات

لم تكتفي الحكومة السابقة من تشويه القاهرة جزءاً فجزءاً، بل إتجهت إلي خطه علي مستوي المدينة ككل، عندما طرحت فكرة "القاهرة ٢٠٥٠". هذه الخطة التي كانت بتكليف من الحزب الوطني "المنحل"، لتكون خطة دعاية لجمال مبارك. و كُلف بإدارة خطة القاهرة ٢٠٥٠، الدكتور مصطفي مدبولي، و كان عضو في الحزب الوطني حينها. تمثلت خطة القاهرة ٢٠٥٠ في تحويل القاهرة إلي مانهاتن أو دبي، و التخلص من كل ما قد يعيق تلك الفكرة، و اخراجه خارج نطاق المدينة حتى و ان كان اكثر من 70% من سكان القاهرة الكبرى من قاطنى الغير رسميات بدعوى عدم مناسبتهم لنموذج ساكنى العاصمة الجديدة حيث شملت تلك الخطه عدداً من الأحياء الغير رسمية، تضمن التصميم إزالة عدداً من الأحياء الغير رسمية و التي يسكنها الملايين و اقتلاعهم من بيئتهم السكنية

كلٌ منا مهتم أن يتطور العمران المصري، و لكن المشكلة كانت صرف المليارات في إتجاه لا يتناسب مع المدينة. فمن الممكن أن تقتطع تلك التكلفة إلي الربع، إذا قامت علي دراسات منهجية، لخواص و طباع و سمات و ثقافات المجتمعات المصرية

و الموقف العام لم يقتصر علي القاهرة ٢٠٥٠ أو علي مشاكل الإسكان الشعبي فقط، فقد سبق تلك الخطه باع طويل من عدم الوعي العمراني في بناء مدن جديدة مجتمعات عمرانية جديدة. و الذي تسبب في زيادة مركزية القاهرة و تضخم حجمها مما أدي إلي كثافة سكانية متفجرة و بالتالي تردي حال البنيات التحتية و الأساسية. ناهيك عن كوارث أخري كالإهتمام بالآثار و المناطق الأثرية و التعامل معها بسياسة أن "وش بويه، رجعت زي الفل". فالإهتمام بالهياكل و الفراغات الأثرية، يعني سياحة داخلية و خارجية، و دخل كبير، حرم منه الشعب بسبب قلة وعي السياسات

قامت الثورة و تحطمت طبعاً خطة ٢٠٥٠، حيث أنها - و كما ذكرت من قبل - كانت مطروحة من الحزب الوطني. و لكن لم يدم ذلك طويلاً، فقد عاد الكابوس مرة أخري عندما نشر الدكتور مصطفي مدبولي بدأ التفكير في خطة "مصر ٢٠٥٢"، و التي ستعمل علي مستوي الجمهورية. و بالرغم من أن لم يتم الإفصاح عن تفاصيل الخطه، إلا أن المشكلة ليست في الخطه نفسها، بل في توجهات تفكير وزارة الإسكان و الهيئات التابعة لها و سياستهم. ففي أول إجتماع مع وزير الإسكان الجديد، و الذي كان يضم مجموعة من أفضل المخططين، و عندما بدأوا في الإقتراحات لتغيير سياسات الإسكان، فكان رد سيادة الوزير: "ماحدش يتدخل في سياسات الوزارة، و المطلوب منكم إنكوا تقدمولي أنماط إسكان منخفض التكاليف و خلاص"


ما الجهات المختصة بالعمران؟

- وزارة الإسكان
- هيئة التخطيط العمراني
- صندوق تطوير العشوائيات
- هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
- هيئة التنسيق الحضاري
- المركز القومي لبحوث البناء
- هيئة الطرق و المواصلات
- وزارة الآثار
- وزارة الأوقاف





فما هو المطلوب؟

ليس المطلوب الأساسى هو الإطاحة بأشخاص بعينهم بل المطلوب البدأ في قبول أفكار و خطط جادة، مدروسة جيداً. 


المطلوب هو الأخذ بالأبحاث العلمية التي لا حصر لها و التي تحتوي علي أفكار تناسب أحوال الشعب المصري، و لكنها ملقاه في أدراج الوزارات.

 المطلوب هو العمل بمبادئ العدالة العمرانية. المطلوب هو تفعيل مبادئ حقوق السكن. 

المطلوب هو العمل من خلال عمليات تصميمية تعكس و تستوعب الثقافات المصرية الحديثة. 

المطلوب هو تمكين الناس من البيئات العمرانية المحيطة.

 المطلوب هو تفعيل مبدأ المشاركة المجتمعية في كل المشاريع و الخطط.

 المطلوب هو تغيير السياسات بشكل عام. 

المطلوب هو وقف الإزالات القهرية التي تتسبب بتدمير مجتمعات، إستثمرت الكثير لبناء نفسها

المطلوب هو عدم تحويل القاهرة إلي دبي أو مانهاتن، بل تحويلها إلي قاهرةً يرتقي أهلها بها




و كيف يتم ذلك؟

الثورة مستمرة… تلك الثورة التي خاض الكثير منا معاركها و فقد الكثير من نفسه من أجل صورة ذهنية مخلصة و صادقة للوطن ككل. فمعظم من سيهتم بتلك الثورة العمرانية، قد درس تاريخ المدن المصرية، إما في كليات العمارة أو الآثار أو التخطيط العمراني أو الفنون الجميلة، و يعلم جيداً كيف تم التحول في المدن و ما آل إليه الآن… و كل منا له وجهة نظرة، و التي تعتبر حريته المطلقة، و لكن لتكون وجهة نظر ذات قواعد راسخة، يجب أن تكون مدروسة و تتخطي الجماليات الشكلية

لن يتغير شئ بمفرده، و لكن يجب أن نقوم و نبدأ في العمل. فمن المؤكد أن في ذهن كل منا، مخزون أفكار لا حصر لها. و من المؤكد أيضاً أن بعض تلك الأفكار قد خرجت من الذهن و تشكلت في أفكار علي ورق.

يتم بالتوعية العمرانية، من خلال نشر أبحاث و مقالات و فيديوهات، لكي تنشر أفكار العدالة العمرانية لغير المتخصة

يتم بمراقبة كل ما يجري في الجهات المختصة بالعمران، و نشرها و نقدها نقداً منهجياً

يتم بالنزول إلي الشارع و فهم متطلبات المجتمعات المصرية جيداً و دراستها دراسة منهجية و أكاديمية

يتم تغيير نظرتنا أولاً و قبل الغير متخصص، عن المجتمعات الغير رسمية و العشوائيات و السعي لفهم تلك المجتمعات و التعلم منهم. و لي تلوين مبانيهم لتصير أجمل. فقد يكون جمالهم يختبئ فيما وراء مجرد الشكل و اللون